قصة مناضل رفض بيع وطنه!!
شهد احداث ثورة 24 ودفن علي عبد اللطيف!
سجن والزعيم الازهري في زنزانة واحدة
رصد : هادية قاسم
عبدالعزيز السيد عثمان مناضل سوداني كانت حياته مليئة بالمتاعب السياسية، ففي فترة الحكم البريطاني أعلن تمرده على الاستعمار حينما رأي بعينه الاضطهاد والذل من قبل القوى الحاكمة، فسرت فيه روح النضال وأعلن ثورات متعددة ودخل السجن مراراً مقابل ان يحيا السودان عزيزاً. اعطى وطنه نحو خمسين عاما. ميلاده كان في العام 1927 في وادي حلفا وهو العام الذي توفي فيه امير الشرق البطل عثمان دقنة.
الشاسع شبراً واحداً رغم انني رفضتها قديماً مقابل التخلي عن وطنيتي إلا ان الوطن لم يقدم لي شيئاً.
كانت رحلته شائكة تحفها المخاطر من كل صوب اتيحت لنا فرصة فسردت لنا تفاصيل نضاله فإلى مضابط الحوار:
شارك عبد العزيز السيد في اضراب العمل الشهير في عام 1947م والذي استمر لمدة 32 يوماً، ويقول ان اهل خليوه ساعدوا العمال بهيئة السكة حديد لاستمرار الكفاح وقاموا بتقديم عريضة لمدير السكة حديد لتعترف لهم بهيئة العمال والتي تم تكوينها من 64 شخصاً مقسمة لأربع لجان إلا ان طلبنا قوبل بالرفض والتجاهل. وجاءنا مامور البوليس ابراهيم حسن خليل وكان وطنياً وطلب ان تسلم العريضة له ولكن مسترهيج رفض هذا الامر وكانت القوة جاهزة للتعامل معنا واصر العمال على موقفهم وتصدى عبدالقادر سالم »عامل كان يكتب على جبينه عبارة »اعداء العمال اعداء الشعب« ودافع كومندان عن عبدالعزيز عبد السيد وكان القاضي يدعى مستر بودلي وحكم عليه في ذات التهمة بعشرين يوماً خارج قاعة المحكمة وجاءت عزة حرم البطل علي عبداللطيف ودفعت الغرامة ايضاً في ذات اليوم.
يقول ان المظاهرة توجهت من المحكمة إلى الخرطوم بحري لزيارة السيد علي الميرغني الذي استقبل ممثلي العمال ١/ سليمان موسى ٢/ عبدالعزيز عبدالسيد واكرمهم جميعهم ودفع لكل منهم مبلغ 20 جنيهاً فضلاً عن العمل حيث كان القانون يحتم فصل من يدخل السجن لمدة 24ساعة.
في 1948 قدم لي السيد المرحوم محمد نور الدين مبلغ 13 جنيهاً وخطاباً لشخص يدعي سليمان قاسم كان مديراً لقلم المستخدمين بالقصر الملكي بمصر، وسافرت الى القاهرة وقد بلغت التذاكر ونفقات السفر نحو جنيهين و40 قرشاً من الخرطوم بالقطار الى حلفا ومن حلفا الى الشمال بالباخرة ومن الشلال الى القاهرة بالسكة حديد المصرية.
وصلت القاهرة وتوجهت الى مقر اتحاد شمال السودان وذهبت الى سليمان قاسم وسلمته خطابا من محمود نور الدين وعبد المجيد سلطان كان يسكن كسلا وكان مناضلاً ووطنياً قوياً تم القبض عليه بواسطة سلطات الاستعمار الانجليزي وحوكم بالاعدام غير ان السيد الحسن ابو جلابية رفض شنقه في كسلا وكان يقول انه مناضل ولا ينبغي شنقه وطلب عدم تنفيذ الحكم عليه في كسلا إلا ان الانجليز قرروا نقله الى بورتسودان حيث تم شنقه.
توفي علي عبداللطيف وكنت بجانبه وقمت باداء الواجبات التي يجب ان تؤدى في مثل هذه الحالة وغسلته وفي تلك اللحظة جاء اللواء عبدالله النجومي الذي كان كبير الباوران في القصر الملكي ومرافقه الفريق حيدر باشا ووزير الدفاع والقائد العام للجيش المصري ومعه عدد من قيادات القوات المسلحة المصرية وامتلأت اروقة المستشفى وجاءت سيارات مدرعة وجاء الملك فاروق وحيا البطل علي عبداللطيف كما جاء النحاس باشا واحمد ماهر وعلي ماهر وفؤاد سراج الدين وسأل فاروق عما اذا كنت مرافقاً للبطل واخبروه انني جئت من السودان مصاباً وامر بعلاجي على حساب القصر الملكي وبعدها رجعت الى السودان واستمريت في نضالي وقمت بعدة مظاهرات من أجل تحسين اوضاع العمال واعادة بعض الطلاب المفصولين من مدرسة »خور طقت« وهناك جاء الخواجة جراهام »وهو احد كبار المسؤولين في الخرطوم وفي ذلك اللقاء طلب مني محمد علي الشايقي ان اترك النضال الوطني واقف مع السلطات القائمة مؤكداً ان السلطات سوف تكرمني تكريماً لائقاً وأخذت بسيارة توجهت بي صوب منطقة الخرطوم غرب وعرض عليّ محمد علي الشايقي مساحة قدرها 160*160 متر وقال ان السلطات ستشيد لي منزلاً في هذه المساحة وتمنحني مبلغ عشرة جنيهات شهرياً شريطة ان اترك العمل الوطني ورفضت الامر بالرغم من الحاجة وتوعدني وأكد لي انني سأندم على هذا الموقف. ولا اقول انني ندمت الآن إلا ان ما يؤلمني حقاً انني بلغت 82 عاماً ولا املك قطعة أرض تأوي أسرتي ولا املك في هذا الوطن