عَـنْ سيدتنا عَائِشَةَ رضى الله عنها و عن أبيها : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ و على آله و صحبه وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ يُصَلِّي فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ ، لَا يَدْرِي لَعَلَّهُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبُّ نَفْسَهُ ". صدقت و بلغت يا رسول الله
* رواهـ الـبـخـاري.
( فتح الباري بشرح صحيح البخاري )
قَوْله : ( فَلْيَرْقُدْ ) : وَ لِلنَّسَائِيّ مِنْ طَرِيق أَيُّوب عَنْ هِشَام " فَلْيَنْصَرِفْ " . وَ الْمُرَاد بِهِ : التَّسْلِيم مِنْ الصَّلَاة . وَ حَمَلَهُ الْمُهَلَّب عَلَى ظَاهِره فَقَالَ : إِنَّمَا أَمَرَهُ بِقَطْعِ الصَّلَاة لِغَلَبَةِ النَّوْم عَلَيْهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ النُّعَاس أَقَلّ مِنْ ذَلِكَ عُفِيَ عَنْهُ .
قَالَ : وَ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ النَّوْم الْقَلِيل لَا يَنْقُض الْوُضُوء .
قَوْله : ( فَإِنَّ أَحَدكُمْ ) : فَإِنَّ الْإِشَارَة إِنَّمَا هِيَ إِلَى جَوَاز قَطْع الصَّلَاة أَوْ الِانْصِرَاف إِذَا سَلَّمَ مِنْهَا ، وَ أَمَّا النَّقْض فَلَا يَتَبَيَّن مِنْ سِيَاق الْحَدِيث لِأَنَّ جَرَيَان مَا ذُكِرَ عَلَى اللِّسَان مُمْكِن مِنْ النَّاعِس ، وهُوَ الْقَائِل إِنَّ قَلِيل النَّوْم لَا يَنْقُض ، فَكَيْف بِالنُّعَاسِ .
قَوْله : ( فَيَسُبَّ ) : وَ مَعْنَى يَسُبّ يَدْعُو عَلَى نَفْسه . وَ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون عِلَّة النَّهْي خَشْيَة أَنْ يُوَافِق سَاعَة الْإِجَابَة ، قَالَهُ اِبْن أَبِي جَمْرَة . وَ فِيهِ الْأَخْذ بِالِاحْتِيَاطِ لِأَنَّهُ عُلِّلَ بِأَمْرٍ مُحْتَمَل ، وَ الْحَثّ عَلَى الْخُشُوع وَ حُضُور الْقَلْب لِلْعِبَادَةِ وَ اجْتِنَاب الْمَكْرُوهَات فِي الطَّاعَات وَ جَوَاز الدُّعَاء فِي الصَّلَاة مِنْ غَيْر تَقْيِيد بِشَيْءٍ مُعَيَّن