المفهوم الصحيح لموضوع التنمية المستدامة
بروفيسور. أحمد عبدالرحمن العاقب: الرأي العام
لقد حثني على كتابة هذه العجالة التباين الكبير الذي يحدث في مفهوم التنمية المستدامة وفي التقارير التي تقدم عنها وأنها غالباً تقتصر على السرد التقليدي لمشاريع التنمية. والتنمية المستدامة في أدبيات البيئة ليس المقصود منها مشاريع التنمية فقط ولكن المنهجية من العوامل والفعاليات التي تجعل مشاريع التنمية وانتاجها مستداماً. ويجب التدريب على تلك المنهجية التي تحقق ذلك، بل ابتكار المنهجية لكل نوع من المشاريع، واقترح للجهات المختصة عقد دورات للتدريب على ذلك.
إنني رأيت من الواجب ان أقدم هذا التصحيح لأنني كنت رئيساً لمنظمة برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) في دورة «1984-1985م»، عندما كانت لجنة مسز بروتلاند تضع تقريرها عن التنمية المستدامة الذي أصدرته في كتاب العام 1987م بعنوان: (Our Common Future) «مصيرنا المشترك». وكنا قد دعونا اللجنة في نيروبي لتنويرنا ومناقشتها عن مفاهيم وأهداف عمل اللجنة.
التنمية في إطار التنمية المستدامة يمكن ان تُفصّل في ثلاثة مستويات: التنمية المطلقة (Development)، والتنمية القابلة للإستدامة (Sustainable Development) والتنمية المستدامة (Sustained Development) التي توافرت لها عوامل الاستدامة وأنجزت الفعاليات التي تساعد على استدامتها.
هذه الاستدامة أو الـ(Sustainability) هي ما درج مؤتمر (Davos) في سويسرا على تبيان مؤشراتها الرقمية كل عامين. وأهم عناصر منهجية التدريب على تخطيط استدامة التنمية هو التوجيه بالمقومات التي تحقق الإستدامة مثلاً الإنتاج النظيف، وتخفيض الملوثات، وعدم الإسراف في استنزاف الموارد بغرض الربح المستعجل، وضمان جزء من المنتوج كبذور للعام القادم، والإحصاءات والبحوث لتطوير الإنتاج رأسياً من نفس كمية الموارد وليس بزيادة المستخدم منها، والتعامل الحصيف مع عوامل تغيرات المناخ والتنبؤ بها، بتثقيف المجتمع عن تقاليد الحمى الفطرية التي عرفها وأتبعها الأجداد خاصة المحافظة على الغابات والمرعى والتربة وعلى التنوع الإحيائي، وتعديل السياسات والأهداف لتتماشى مع مفهوم تحقيق استدامة التنمية وليس مجرد تحقيق تنفيذ مشارع التنمية.. الخ.
كأمثلة لمستويات التنمية، فإن الزراعة أسلوب للتنمية القابلة للاستدامة (Sustainable Development). ويمكن أن تتحقق تنمية مستدامة (Sustained Development) إذا توافرت العوامل وأنجزت الفعاليات التي تحقق الاستدامة وإلا فيمكن أن تؤدي الى إنهاك الأرض والتصحر في حالة الاستنزاف للتربة، وقلة المياه أو نسبة لتغير المناخ.
استغلال المعادن من الناحية الأخرى مثال لأسلوب التنمية القابلة للنضوب، لأنها ليست لها خاصية الزراعة في النمو والتجدد وتحتاج لأساليب ذكية ومبتكرة خاصة وأنها مغرية للاستغلال المكثف لأجل الحصول على الربح والعائد السريع.
وأخيراً أقول إن أي مشروع عن التنمية المستدامة يجب أن يحوي أولاً: العوامل والفعاليات التي تسهم في تحقيق التنمية المستدامة، وثانياً: المؤشرات الرقمية التي يمكن بها متابعة ومراجعة مستوى الإنجاز.