قصة ارخميدس:
يقال إن الملك اليوناني هيرون أمر بصنع تاج من الذهب الخالص ، وأوكل المهمة إلى صائغ ماهر بعد أن سلمه وزناً معيناً من الذهب . وفي الموعد المحدد تسلم تاجه ، واعجب بمهارة الصناعة ودقة التنفيذ .. إلا أنه انتابه شك في أن الصائغ قد سرق جزءاً من الذهب ، وأنه قام بخلط الذهب بمقدار من الفضة ليحافظ على الوزن ويداري فعلته الشنيعة . والتفت الملك إلى فيلسوفه المقرب أرخميدس وطلب منه توفير حلّ لهذه المعضله ، وايجاد طريقة يمكن بواسطتها معرفة حقيقة الأمر . وهيمنت هذه القضية على تفكير الفيلسوف اليوناني وراح يقلب الأمر يمنة ويسره ، فقد كان أرخميدس يغرف كثافة الذهب الخالص ، وهي وزن الذهب لوحدة الحجم ، فلو اسنطاع أن يقيس حجم التاج لسهلت المهمة ، ولأدرك في الحال ما إذا كان التاج مصنوعاً من الذهب الخالص أو مخلوطاً بالفضة . ولكن ما هي الوسيلة لقياس حجم التاج الرائع الصنع بكل ما فيه من تعرجات فنيةجذابه ، وأشكال جمالية متباينة ، وأنماط هندسية متداخلة . لوكان بامكان أرخميدس أن يصهر التاج ، ثم يقوم بتحديد حجم سائل الذهب بواسطة وعاء معروف الحجم لتيسّرت العملية .. ولكن صهر التاج سيغضب الملك اليوناني ويثير حفيظته .. ولو كان بإمكان أرخميدس أن يدق التاج بالمطرقة إلى أن يتحول إلى قالب نستطيل الشكل لأمكنه معرفة الحجم ولانتهى الإشكال .. ولكن الملك لن يكون سعيداً على الاطلاق بتحطيم تاجه ، وتحويله إلى مجرد قطعة باهتة المنظر مستطيلة الشكل .. وهكذا أصبحت قضية التاج الشغل الشاغل للفيلسوف اليوناني وصارت هماً ملازماً له حيثما غدا وراح . وذات يوم وبينما هو في الحمام لاحظ أنه كلما أنزل جسمه في حوض الماء ارتفع الماء في الحوض أكثر فأكثر، أي أن جسمه حلّ محلّ جزء من الماء في الحوض . وفجأة برق حل لمشكلة التاج أمام ناظري أرخميدس ، وتبدّت له وسيلة ناجعة للتغلب على المعضلة التي شغلت ذهنه وذهن مليكه ، وقفز أرخميدس من الحمّام ، واندفع في شوارع الدينة عارياً وهو يصيح ( وجدتها .... وجدتها ) .
لقد أدرك أرخميدس أن حجم الماء المزاح في حوض الماء يساوي حجم الجزء المغمور من جسمه في الحوض ، وسارع أرخميدس إلى احضار كتلتين من المعدن إحداهما من الذهب الخالص والاخرى من الفضة النقيّة ، وجعل وزن كل منهما مساوياً لوزن التاج المشكوك في أمره .. ثم قام بغمر كل من هذه الكتل الثلاث ( الذهب والفضة والتاج ) في إناء مملوء بالماء ، وجمع الماء المزاح وقاس حجمه في كل حالة من الحالات الثلاث . وبإجراء هذه التجربة اكتشف أرخميدس أن كمية الماء التي أزاحها التاج كانت أكبر من تلك الكمية التي أزاحتها كتلة الذهب الخالص ، وأقل من كمية الماء التي أزاحتها قطعة الفضة . وبهذه الطريقة خلص أرخميدس إلى أن التاج لم يكن مصنوعاً من الذهب الخالص ولا من الفضة النقيّة ولكنه كان خليطاً من المعدنين . وهكذا انفضح أمر الصائغ الغشاش.
ينص مبدأ أرخميدس على ما يلي:
( عندما نغمر جسماً ما في سائل ، فإن قوة الدفع إلى أعلى المؤثرة على الجسم تكون مساوية لوزن السائل المزاح )