الفادني عضو مميز
| موضوع: الثقافة الجنسية.. كيف نقدمها لشبابنا؟ الجمعة يوليو 31, 2009 10:03 pm | |
| الثقافة الجنسية.. كيف نقدمها لشبابنا؟
* محمد حسين فضل الله الثقافة الجنسية كأي ثقافة أخرى علينا أن نحرّكها ولكن بالأساليب العلمية سواء بالكتاب أو المنهج المدرسي، أو الحوار البيتي، أو الحوار العام. إنها شيء يتصل بالإنسان في جسده، وفي ممارسته لغرائزه، فمن الطبيعي أن يعرف كلّ ذلك، وانّ ما نعيشه من المحرمات الإجتماعية حول هذا الموضوع، انما هو بفعل التقاليد والتراكمات التاريخية، ولذا فإن مواجهة التقاليد تعني أن نخترقها بالحكمة حتى لا تخلق لنا سلبيات أكثر مما نريد أن نتفاداه من السلبيات. * إن الإسلام فتح للمسلمين جميعاً أبواب الثقافة الجنسية من خلال المفردات القرآنية التي تتحدث عن العلاقة الجنسية بما يشبه الصراحة، حتى أن التعبير القرآني الذي هو تعبير لغوي عن الزواج يوحي بالمعنى الجنسي أكثر من ايحائه بمعنى العقد وهو كلمة (النكاح). وإذا أردنا أن ندرس السنّة الشريفة فاننا نجد أن هناك أحاديث عن المسائل الجنسية سواء ما يتعلق بعلاقة الرجل بامرأته في مستحباتها وأحكامها والأجواء المحيطة بها. حتى أن هناك تصريحاً في أكثر من حديث بالأعضاء الجنسية بشكل طبيعي لا يشعر فيه الإنسان أن مجتمع الرسالة كان يرى في ذلك شيئاً منافياً للأخلاق. وربما نجد بعض الأحاديث النبوية الشريفة التي يدور فيها حوار بين النبي (ص) وبين من جاء يقرّ بالزنا على نفسه، فنلاحظ أن السؤال الأخير الذي وجّه للزاني يتمحور حول العملية الجنسية بلفظ قد يخجل الناس الآن من التصريح به. وهكذا نجد الحديث عن ذلك في المسائل التي تتصل بالمرأة من حيث الحيض والإستحاضة والنفاس، والمسائل التي تتصل بالرجل من حيث الجنابة وغيرها. وعندما ندرس كتب الفقهاء والأبواب الفقهية التي لها علاقة بالجنس، نجد أن هناك حديثاً صريحاً واضحاً في خصوصيات المسألة الجنسية سواء في الأعضاء الجنسية أو العمل الجنسي، أو في بعض الأوضاع المتصلة بهذا العمل. وهكذا نجد أن العلماء السابقين يتحدثون في كتبهم عن الجنس فيما ينقل من نوادر ونكت ومِلح وما إلى ذلك حديثاٌ قد يعتبره المجتمع الآن حديثاً غير أخلاقي، كما نجد في بعض الكتب القديمة التي ألفها علماء أطهار زهّاد تشمل على بعض الأبواب التي تتحدث عن الكيفيات غير العادية وغير المألوفة في العملية الجنسية، على أساس أنهم يفكّرون أن كتابة مثل هذه قد تجعل الأزواج يتثقفون ثقافة جنسية يستطيعون من خلالها تلبية رغباتهم ورغبات زوجاتهم الطبيعية بحيث لا يحتاجون إلى تلبية تلك الرغبات خارج نطاق الحياة الزوجية. ومن هنا نستطيع أن نؤكد بأن الإسلام يتبنى الثقافة الجنسية من خلال إرتباطها بالأحكام الشرعية المستحبة أو الواجبة أو المحرّمة التي تتصل بهذا الجانب من حياة الإنسان، لكننا عندما ندرس هذه القضية فإننا نركز عليها من ناحية المبدأ لنؤكد بأنها ليست في دائرة التحريم بل في دائرة التحليل. ولكن تطور الأوضاع الثقافية والإجتماعية قد يخلق بعض السلبيات في الثقافة الجنسية أو في لون معيّن من ألوانها، لاسيما إذا كانت الأجواء المحيطة بحركة الثقافة في وعي الشاب أو الطفل تؤدي إلى نتائج سلبية على إعتبار أنها تثير التجربة غير الواعية لدى الطفل أو الشاب بالدرجة التي ينحرف فيها عن الخط الإسلامي. وعلى هذا الأساس، فلابد من دراسة المسألة بالكثير من الدقة والحذر لمعرفة الأجواء التي تحيط بهذه الدراسة من حيث دراسة شخصية الإنسان التي تستهدفها، أو الأجواء التي تتحرك في حياته. إن ما أريد أن أؤكد عليه هو إن التطور المعاصر ليس هو الذي بدأ الثقافة الجنسية، بل ان الإسلام سبق العصر بكل المفردات التي تحدثنا عنها. أما مسألة تثقيف الجيل الطالع في هذا الإتجاه، فلابد من التخطيط لذلك، من حيث طبيعة الأساليب والمفردات والأجواء بحيث يغلب الطابع العلمي على المنهج الثقافي بعيداً عن كل عناصر الإثارة، وذلك من خلال التأكيد للطفل أو الشاب بأن أعضاءه الجنسية ليست شيئاً غريباً عن حياته، بل هي شيء طبيعي جداً لا يبعث على الغرابة أو العار أو العيب أو ما شاكل ذلك، ولكنّ هناك أحكاماً شرعية اقتضت سترها وتحريكها في دائرة معينة وكما يريد الله ان يحركها فيها، تماماً كما تحدثه عن أعضائه الأخرى التي تحدثه أيضاً عن المحرمات فيها بأن لا يأكل هذا ولا ينظر إلى هذا.. إلا أن المسألة تحتاج قبل هذا إلى جو ملائم، وعلينا أن نخطط لايجاد هذا الجو لأن كثيراً من الأوضاع الإجتماعية قد تعتبر هذا عملاً أو ثقافة غير أخلاقية، فإذا استطعنا أن نخطط لذلك فإننا نتمكن من توجيه الجيل الناشىء إلى الثقافة الجنسية بطريقة علمية موضوعية حتى في مسألة الولادة، ومن أين يأتي الجنين، فلا بد لنا أن نصارحهم بذلك ولكن بطريقة تخطط لمراحل التوعية في هذا المجال. ان طبيعة هذه الأمور قد تغري بعض الأطفال بالتجربة، كما لاحظنا أن بعض الأطفال عندما يشاهدون بعض الأفلام في التلفزيون فإنهم يبادرون إلى تطبيقها عملياً وقد يسيئون ذلك، وهكذا نجد ان البعض ممن يقرأ القصص الجنسية أو يشاهد الأفلام الجنسية فقد ينطلق بفعل الإثارة لكي يعيش هذه التجربة بشكل منحرف، في الوقت الذي تكون الأجواء الداخلية في نفسه والخارجية فيما حوله مثيرة بحيث تدفعه إلى الإنفتاح على التجربة عندما يتثقف بها، ولكنني في الوقت نفسه أؤكد على ان الأوضاع الإعلامية التي يتحرك فيها الواقع، والتي دخلت كل بيت من خلال التلفزيون أو الصحافة، أو الأوضاع الواقعية والأجواء التي يشاهدها الشاب أو الطفل على البحر أو غيره، أصبحت تعطي الإنسان ثقافة جنسية بحيث يتفوق فيها على أبيه وأمه من حيث كثرة المفردات التي يمتلكها. وهناك طرفة عن بعض النساء اللواتي كنَّ يحاورن بعضهن، فقد قالت امرأة إلى أخرى: إن ابنتي قد وصلت إلى سن البلوغ، فكيف أتحدث معها في هذه المسائل التي تتصل بالبلوغ والجنس، فأجابت الأخرى بأن توحين إليها بانك تعرفين ما تعرف هي، لأنها قد تعرفت أكثر مما تعرفين! فمسألة الثقافة الجنسية قد تكون حاجة ملحة في الواقع المعاصر لأنها تقدم للشباب والشابات بطريقة الأفلام والكتب الرخيصة من دون أية ضوابط أو حدود، فقد يكون من الضروري للعاملين في خط التوعية الإسلامية ضمن تخطيط معين حتى ينقذوا الجيل من الثقافة الجنسية المنحرفة. المصدر: كتاب دُنيا الشباب www.balagh.com | |
|