و بالطبع ناس بتألموا… كان أبلغ تعبيرا جاد به “ياسر” ابني و نحن خروجا من مدينة شندي التي وصلناها مساء الخميس لنعزي في فقيدا هو “عمنا” في الحسبة عندما وجدنا صيوانا عامرا في احدى الأحياء، ازدان بالكراسي الملونة و الترابيز و الناس داخلين عليه و هم “على سنجة عشرة” فنظر الي فقلت له “لابد و انه عرس كارب” فدفع بملاحظته الذكية تلك فضحكنا…. و لكن كي لا تكون رحلتنا الى شندي هي للعزاء و للناس المتألمة فقد حرصنا أن نستقل “مشيتنا” لشندي بالسلام على الأهل و رؤية ما استجد في شندي و أهمها هذه الايام كبري المتمة و الأهم خالص خالص طبعا هو المقيل في “الجنينة” و قطف الثمار من أشجارها.
فشندي دائما تذكرني باللحظات السعيدة و الحزينة أيضا؛ فقد انحدرت أصول أبواي منها؛ فمن حلة المحطة و مربع ثمانية كان التزاوج الذي جمع موظف السكة حديد ميرغني ببنت الزراعي محمد الطيب كأطول علاقة حميده عايشتها في حياتي… عاشوا متجاورين و قبروا متجاورين أيضا بفارق عامين عندما لم يقو والدي من البقاء وحده بعدها …سالت دموعه و بللت وجهه عندما لم تستطع أن ترد عليه ليلتها… كما سالت دموعهما مجتمعة عندما غادرهم “عصمت” قبلها بسبعة سنين… رحمهما الله بقدر رحمته التي وسعت كل شئ. فكانت مدينة الخرطوم مسواهم الأخير…
الا أن شندي كانت مرتع صباهم و صبانا نحن، و ما زلنا نعود اليها كل سانحة ففيها أهلنا و فيها منزلنا و جنينتنا. ركبنا في شندي “الحمير” و تنقلنا ما بين شندي فوق و التحتانية موقع المزرعة و أكلنا ثمار المانجو من أشجارها و الطعمية من “بت رشوان” و الببسي من دكان “العماوي” و لبسنا الطواقي و الشالات من نسج “النقادة” …و انتقل حب شندي الى أولادي أيضا التي نسير اليها كل موسم ليقطفوا من أشجار المانجو ذاتها و يتشربوا بحب وطنهم.
تقع مدبنة شندي إلى الشمال من الخرطوم بحوالي مائة وعشرون كيلو متر في الضفة الشرقية من النيل وتصلها خطوط السكة الحديد المتجه شمالاً الى حلفا و كريمة و يربطها طريق بري كان ترابا الى أن قبل المواطنين التحدي و صار مسفلتا، و تبع التقسيم الجديد صارت عاصمة للمحافظة و تبع لها العديد من المحليات “كحجر العسل” وتضم الآن أكثر من ثلاثة وعشرون قرية منها حجر العسل والوادي السعيد والشيخاب والبسابير وكذلك محلية كبوشية والمتمة التي تقع جنوب غرب مدينة شندي. ومن أشهر القرى التي تضمها محلية المتمة قرية السيال الصغير والسيال الكبير وبها مشروع السيال وقري الكروماب والصلوعاب – الهوبجي – ود حامد وحجر الطير – ود الحبشي – وهناك محلية طيبة الخواض ومن أشهر قراها – المغاوير – العقيدة و قري كلي والمكنية.
تتميز شندي بالجناين و الغطاء الزراعي الكثيف و سكنتها اسر عريقة تنتمي للصفر و الغبش مثل ال كرار و ال ابوحربة و ال ابوزيد و ال عفاس و ال تاجر و تتكون من عدة قري متفرقة .. يمتهن اهلها الزراعة و التجارة حيث يتوزعون كتجار في جميع مدن السودان. وتعتبر من المدن الزراعية حيث توجد بها أكبر منطقة لزراعة المانجو وكذلك تشتهر بإنتاج الفول المصري والبصل والفاصوليا والعديد من الفواكه. وبها العديد من المصانع حيث بها مصنع النسيج والذي يعتبر من أوائل مصانع النسيج في السودان. وتوجد بها العديد من المدارس مدرسة الاستقلال الابتدائية، عبد الكريم السيد الثانوية العامة، شندي الثانوية وكذلك بها جامعة شندي والعديد من المؤسسات التعليمية.
كذلك بها عدد من المشاريع المروية ومن اهمها مشروع قندتو الزراعي، ومشروع كبوشية الذي تقع معظم أراضيه في قرية ديم القراي التي تعتبر من أكبر وأهم قرى شرق النيل التابعة لمحافظة شندي، وكذلك مشروع الزيداب وكلي وغيرها من المشاريع الحديثه مشروع الشهيد يمتد من العوتيب جنوبا حتي قري التضامن شمالا.
اما جامعة شندي فهي من الجامعات الحديثه و تشتمل علي عدد من الكليات الطب -الصحة القانون اداب – تربيه الاقتصاد- تنمية المجتمع. أما من ناحية الفن لقد قدمت مدينة شندي عدد من الفنانين الذين عطروا سموات السودان امثال الشفيع – علي ابراهيم – مجذوب أونسه – حسين شندي – محجوب كبوشية -الطيب عبدالله. أما في مجال الرياضة فبها عدد من الاندية التي مثلت في دوري السودان وهي (الاهلي النيل -سارديه – حوش بانقا – الهلال – الهدف، ومن اللاعبين المشهورين صلاح عبدالمحمود – علي فليكو – معتصم صديق – ناصر ابراهيم. ومن اشهر المدارس مدرسة شندي الاهليه عبدالله الحسن حوش بانقا منذ عام 1976 .
تشهد شندي الان نقلة في مجال التعليم الخاص فأنشأت بها العديد من المدارس الخاصة لجميع المراحل و التي تميزت بمستواها التعليمي والاجتماعي وتشهد ايضا تطورا عمرانيا كبيرا.
و تبعا لهذا التطور افتتح فيها كبري المتمة في الأسبوع الماضي فكان محطة مهمة قضينا فيه بعض الوقت و شاهدنا الناس تطوف به جيئة و ذهابا و الرياضيين يمارسون عليه “الجري” و حتى الحمير طربا تعبره من طرف لآخر فهو يربط حلة المتمة بشندي و مستقبلا سيربط طريق شريان الشمال، اذن فالمنطقة موعودة بالتطور و الرقي فهنيئا لك شندي……………..
سألت واحد قلت ليهو الكبري مالو من هسة اتشقق…………………
قالي دا ما شغل الضيق………………….!! اغايتو الله يكفينا شر دفن الليل