حوار على قناة النيل الأزرق

استمتعت بلقاء جميل وشيق يميل الى البساطه والعفويه بتاعة أولاد بلدنا الأصيلين وما أجمله من لقاء وما اسعدني برؤية ما يثلج الصدر في بلادي في وسط زخم المبكيات التي تتوالى عليها داخليا وخارجيا

حوار على قناة النيل الأزرق لم أدركه كله لأنه كان في وقت صلاة المغرب ولكني ادركت منه ما جعلني فخورا بمثل بطل القصة!!!

شاب بسيط من ابناء بلادي سحنته سوداني ورسم وجهه خارطة بلادي الشاسعه التي لن تقسم ابناءها حدود الأقاليم والولايات فسيظل سوداني وطن اجدادي كما هو ما دامت مثل هذه الدماء تجري في هذه العروق الطيبه
أظن الشاب اسمه محمد الأمين معاق في يده اليسرى ومن اسرة فقيره يعمل منذ طفولته ليسد رمق أسرته ويقهر جوع إخوته ,بدأ ببيع الماء(برّد برّد) ثم انتقل الى تلميع الأحذيه (ورنش) واستمر مع ذلك مواصلا في دراسته يقهر ظروف عيشه ويقهر إعاقته التي في رأيي لا تسمى إعاقة لأنها لم تعق مسار حياته وكم من صحيح الأعضاء معاق التفكير عالة على مجتمعه ووطنه!!

واصل محمد وثابر واجتهد في جمع راس المال الذي مكنه من فتح كشك في جامعة امدرمان الأهليه واكتسب ود الطلبه بروحه المرحه وكون صداقات في مجتمع الجامعه مما ألهب طموحه للدراسة وبناء نفسه ,وفعلا امتحن الشهاده السودانيه بمساعدة ستة من طلاب الجامعه الذين تكفلوا بمساعدته في مادتي الرياضيات واللغة الإنجليزيه واجتهد بنفسه في باقي المواد.

وكانت النتيجه نجاح البطل العصامي بنسبة 73% وتم قبوله في جامعة السودان لكنه كان يفضل اكمال مشواره حيث بدأه في الأهليه وسحب اوراقه من جامعة السودان ليقدم في الجامعة الأهليه,
وكانت صدمة الشاب البطل حينما رفضت اوراقه لأنها جامعة أهليه ورغم خطاب اتحاد المعاقين الى ان المسجل رفض قبول الطالب بدون رسوم الدراسه الجامعيه.

وخرج محمد ودموع الحرقة وصدمة الواقع في عينيه يذرفها على تحطم أماله على ما حسبه بر الأمان!!

خرج محمد من مكتب المسجل ودموعه تفضح مشاعره بل تفضح بؤس من رد امثال هذا البطل القامة
وساق قدر الله اليه شابا عرفه تخرج من الجامعه قبل سنة وقابله عند الباب, وبعد أن سلم عليه رأى قطرات اعتصار القلب قهرا تخرج من عينيه فسأله عن سبب بكائه فاخبره بالقصة وبادر الشاب الخريج بطرح المساعده ووعد الشاب محمد بألا يتخلى عنه وتركه بعد ان تواعدا على اللقاء في مكتب مدير الجامعه

ووفى الشاب بوعده وادخل محمد على المدير ودخل معه مقدما نفسه و بطاقته على أنه ياسر الخريج من نفس الجامعه والصحفي في جريدة الصحافه ..

وكلم المدير في شان محمد وخرجا من المكتب بعد الحصول على وعد بالرد في وقت محدد.

وقبل الموعد كان الصحفي ياسر قد نشر قصة محمد وشاب أخر مشابه له في الجريده ووصفهم بالأبطال العصاميين واظنه اقل ما يقال في شانهم..

وتم المرادوقبل محمد في كلية الآداب لغة انجليزيه وهي الكلية التي رغبها ,ودرس فيها طالبا وبائعا في نفس الوقت في كشك الجامعه.


سقت القصة كاملة حسب ما علق بذاكرتي منها لأن محمد ليس وحده في رايي بطل القصه
أبطال القصة شباب ورجال من وطني مازالوا يتسمون بصفات ود البلد الأصيل
شهامه وكرامه ونخوة ورجوله ووقفة وقت الحاره


الشباب الذين شجعوا محمد وساعدوه في دراسته هم ابطال ورجال سودانيون يضرب بهم المثل

الشاب الصحفي ياسر رجل صاحب مروءة ونخوة ونجدة للمحتاج

محمد بطلنا يفوق فعله كل كلمات وصف تقال وتكال في حق الرجال, تحدى الإعاقه وتحدى الظروف وتحدى الفقر وتحدى الحوجه ليكمل حياته رجلا متعلما وبطلا يفخر به الوطن ويتمنى امثالنا ممن يسر الله لهم الكثير ان يكونوا في مثل قامته التي نقف لها احتراما

ولا أملك تعبيرا لوصف مشاعري حين رؤية اللقاء على قناة النيل الأزرق لكني استبشرت خيرا بوجود رجال في بلادي لم تدنسهم السياسه ولم تفرقهم الأعراق بل تحدوا كل فوارق وهمية ليكونوا رجالا نفخر بهم
وخطر ببالي
كيف كان يكون الحال لو ما كنت سوداني
واهل الحارة ديل اهلي


ودمتم