أسباب الفقر
يرجع المؤلف ظاهرة الفقر في الوطن العربي إلى جملة من الأسباب والمتغيرات المعقدة على الصعيدين الداخلي والخارجي، حيث لم يطرأ أي تحسن في المؤشرات الخاصة بتوزيع الدخل والضمانات الاجتماعية، نظراً لأن برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية لم تنطلق من رؤى وحاجات داخلية، بل جاءت في سياق تنفيذ إستراتيجية اقتصادية، وضع أسسها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
وكان لتقلبات أسعار النفط الدور الأبرز في مجال الإنفاق الحكومي، وانعكست على النمو بشكل أفضى إلى تراجع دور الدولة في الشأن الاجتماعي.
والمقلق هو اتساع ظاهرة الفقر، كونه يرتبط بالعدالة الاقتصادية والاجتماعية، إذ تعتبر السياسات الاقتصادية الموجهة لصالح الطبقة الغنية إحدى أهم آليات إنتاج الفقر، والسياسة النقدية التي تؤثر على سعر الفائدة هي أهم السياسات المسببة للفقر، باعتبار أن سعر الفائدة يؤثر في خفض الحوافز المرتبطة بالاستثمار سواء المحلي أو الأجنبي، ويسبب ذلك انخفاض الطلب على العمالة.
وقد ارتفع متوسط معدل البطالة في البلدان العربية إلى أكثر 15% كما أدى انخفاض النمو الاقتصادي العربي إلى ارتفاع معدل البطالة، حيث لم تتجاوز نسبة النمو 1.2%, وذلك في الفترة الممتدة من عام 1980 إلى العام 2000.
وأدت السياسات النقدية إلى ارتفاع معدلات التضخم، خاصة في البلدان العربية المنخفضة الدخل، مثل السودان واليمن والصومال وموريتانيا، وأثّر ذلك سلبياً على خفض القيمة الشرائية.
وأثّرت السياسات المالية للدولة، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، عبر آليات توزيع الدخل ومن خلال الضرائب المباشرة وغير المباشرة.
"
انتشار الفقر لا يقتصر على ندرة الموارد الطبيعية والسياسات الاقتصادية للدولة، بل يتوقف أيضاً على اتجاهات الاقتصاد العالمي والمتغيرات الخارجية المؤثرة على ظاهرة الفقر أو على الحد منها
"
وأفضت الأوضاع غير التنافسية إلى التطرف في توزيع الفائض الاقتصادي لصالح رأس المال دون الأجر، إضافة إلى أن تخصيص مبالغ هائلة للإنفاق العسكري أدى إلى تراجع الاهتمام بالرعاية الاجتماعية، وتراجعت دولة الرعاية الاجتماعية تبعاً لسياسات الإنفاق المتبعة، فضلاً عن أن الأزمات الاقتصادية في بعض البلدان العربية أفضت إلى هروب رؤوس الأموال الدولية، وأسهمت في إنتاج الفقر، بسبب انخفاض الطلب على العمل وتدني الأجور.
ويؤكد المؤلف على أن أسباب انتشار الفقر لا تقتصر على ندرة الموارد الطبيعية والسياسات الاقتصادية للدولة، بل تتوقف أيضاً على اتجاهات الاقتصاد العالمي والمتغيرات الخارجية المؤثرة على ظاهرة الفقر أو على الحد منها. ويرجع اتساع الفقر في البلدان العربية إلى تبني الدولة سياسات الليبرالية الجديدة.