???? زائر
| موضوع: الهجرة الكبرى الخميس يوليو 16, 2009 11:05 pm | |
| الهجرة الكبرى
لم تعد مكّة مكاناً مناسباً وآمناً للدعوة ، بعد أن توفّي أبو طالب ، فأراد رسول الله (ص) أن يَنشر دعوته في الطائف ، لعلّها تكون منطلقاً لرسالته بعد أن تحجّرت مكّة في وجهها ، لكن الطائف كانت مثل مكّة تحجّراً وفظاظة . ثمّ بدأ الرسول يعرض رسالته على القبائل واحدة تلو اُخرى يدعوهم إلى الله سبحانه ، وكلّها كانت ترفض دعوة الحقّ . وفيما كان (ص) يعرض رسالته في موسم الحجّ، إلتقى سنة إحدى عشرة من البعثة المباركة ، بجماعة من الخزرج وهي إحدى قبيلتين كبيرتين تقطنان يثرب (الّتي سُمِّيت بالمدينة المنوّرة فيما بعد)، وعرض عليهم الاسلام فاستجابوا له ، وعادوا إلى يثرب يدعون إلى الاسلام . وفي العام التالي قدم من أهل يثرب اثنا عشر رجلاً ، فاجتمعوا بالرسول (ص) في العقبة، وبايعوه (على أن لا يشركوا بالله شيئاً، ولا يزنوا ، ولا يقتلوا أولادهم ، ولا يأتوا ببهتان يفترونه بين أيديهم وأرجلهم ، ولا يعصوه في معروف ، فإن وفوا فلهم الجنّة ، وإنْ غشوا من ذلك شيئاً فأمرهم إلى الله ، إنْ شاء عذّب وإنّ شاء غفر) . في موسم الحجّ التالي ، أي في السنة الثالثة عشرة من البعثة المباركة ، اجتمع بالرسول (ص) سرّاً بالعقبة وفد إسلامي كبير من يثرب ، ضمّ سبعين رجلاً وامرأتين . وبذلك توفّرت الأرض الّتي يمكن للدعوة أن تقف عليها لأداء رسالتها العظمى ، فأمر رسول الله (ص) المؤمنين بالهجرة إليها ، وراحت مواكب المهاجرين تتوافد إلى دار الايمان سرّاً وتحت جنح الظلام ، تاركين أموالهم ودورهم من أجل دين الله (15) . ثمّ أذن الله سبحانه لرسوله بالهجرة إلى الأرض المباركة (يثرب) ، وذلك إثر إجتماع قريش في دار الندوة ، واتفاقها على قتل الرسول (ص) من قِبَل مجموعة تضمّ رجلاً من كلّ بطن من بطون قريش ، ليذهب دمه هدراً ، أي يضيع بين القبائل فلا يُطالِب به أحد . بادرت قريش لتنفيذ ما اتّفقت عليه ليلاً ، لكن أبا لهب اقترح عليهم تنفيذ الجريمة عند الصباح، وقد أخضعوا دار الرسول(ص) لحراسة شديدة حتّى لا يفلت الزمام من أيديهم . في الاثناء أمر الرسول (ص) عليّاً (ع) أن ينام في فراشه ويلتحف ببردته ، وخرج الرسول (ص) من بينهم يتلو قوله تعالى: (وَجَعَلْنَا مِن بَينِ أَيْدِيهِم سَدَّاً وَمِن خَلْفِهِم سَدَّاً فَأَغْشَـيْناهُم فَهُم لاَ يُبْصِرون). (يس / 9) إلتقى رسول الله بأبي بكر بن أبي قحافة في مكان ما في طريقه ، واتجها للاختفاء في غار جبل ثور . وطوال اللّيل كان رجال قريش يراقبون بيت الرسول (ص) ، وعند الصباح هجم القوم على مخدع الرسول (ص) ، فوثب في وجوههم عليّ بن أبي طالب (ع) ، فكان أوّل فدائي للاسلام ، فأنزل الله تعالى فيه : (ومِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْري نَفسَهُ ابْتِغَاء مرضاةِ اللهِ واللهُ رَؤُوفٌ بِالعِبَاد ). (البقرة / 207) حاولَ المشركون اللّحاق بالرسول (ص) ، واتبعوا آثار أقدامه حتّى الغار ، لكن الله تعالى حفظه من مكرهم ، وبعث العنكبوت فنسجت على باب الغار بيتاً لها ، فتفرّقوا ظنّاً منهم بأن لا أحد فيه . وبعد أن مكث الرسـول (ص) في الغـار ثلاث ليال ، واطمأن بأنّ قريشاً قد كفّت عن طلبه ، سار نحو يثرب ، وبعد أيّام وصل نبيّ الهدى والرحمة (ص) منطقة قبا خارج يثرب ، وبقي فيها ينتظر قدوم عليّ بن أبي طالب (ع) في ركب الفاطميّات من بني هاشم، الّذي كان يضمّ: فاطمة اُمّه ، وفاطمة بنت محمّـد (ص) ، وفاطمة بنت الزُّبير بن عبدالمطلّب ، وفاطمة بنت حمزة بنتي عمّ النبي (ص) . حين وصل الركب إلى قبا استقبلهم الرسول (ص) وعانق عليّاً (ع) ، وبكى رحمة به لما أصابه من إرهاق وأذى . وبقي الرسول (ص) بعد مقدم عليّ (ع) يومين في (قبا) ، وأسّس فيها مسـجد (قبا) بناءً على اقتراح من عمّار بن ياسر ، فهو أوّل مسجد في الاسلام ، ثمّ ركب راحلته متجهاً نحو يثرب . كان الاستقبال عامّاً ، والناس يترقّبون قدوم الرسول (ص) ، وحين دخلها احتفوا به أيّما احتفاء ، وكان الناس يتسـابقون للقائه ، وما مرّ (ص) بدار إلاّ دعوه إليها ، ولكنه كان يقول لهم : «خلّوا سبيل الناقة ، فإنّها مأمورة» . كان رسول الله (ص) قد ترك ناقته وهو راكب على ظهرها، لتسير بحريّة وتقف في المكان المقدّر من الله سبحانه وتعالى ، فسارت الناقة حتّى بركت عند مكان المسجد النبوي حاليّاً، بالقرب من باب بيت أبيّ أيوب الانصاري وكان من فقراء المدينة ، فنزل رسول الله (ص) ضيفاً على أبي أيوب ، وبقي في ضيافته حتّى اكتمل بناء المسجد ومنازله المطهّرة ، فانتقل إليها . |
|