عشرون عاماً من عمر الانترنت

شنداوي ذهبي

المهندس الانجليزي الذي اهتدى لفكرة الشبكة العنكبوتية في اوائل الثمانينيات من القرن الماضي لا شك انه أكثر الناس فرحاً بمرور عشرين عاماً على هذا الاختراع الكبير والمهم في خدمة الانسانية وكعادة المخترعين فقد قام بطرح الفكرة أولاً على رصفائه المؤهلين إلاّ انه لم يجد الحماس عندهم فآثر السير لوحده قدماً في الفكرة حتى نجحت في اوائل التسعينيات واعتبر العام 1989 هو الانطلاق في التطبيق التدرجي وبعد ذلك كان الانتشار حتى عمّ جميع قارات العالم واصبح حدثاً داخل كل بيت وأسرة في يومنا هذا.
هذه الشبكة الطاغية استطاعت اليوم ان تستقطب جميع الشعوب وتسحرهم بافعالها الى جانب دعمها المعلوماتي الكبير لجميع مناشط الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وخدمات الصحة والتعليم والأمن وذلك من خلال توفير المعلومات المتبادلة مهما بعدت المسافات.
إن الاقتصاد العالمي هو أكثر القطاعات التي استفادت من اختراع الشبكة العنكبوتية فمنذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى ثمانينيات القرن الماضي كان تبادل المعلومات داخل جسم الاقتصاد العالمي محدود الحجم ومحدود السرعة يتم عبر شبكة التلكس الدولي (ITN) والتي كانت تمر عبر مركز رئيسي بمدينة (بيرن) في سويسرا وكان أكبر عيوب هذه الشبكة انها كانت تحمل معلومات محدودة الحجم (Linited data capacity) وبطيئة السرعة (LowDataViloeity) مقارنة بما هو متوافر الآن بفضل اختراع الشبكة العنكبوتية واستطاعت هذه الشبكة العبور بالاقتصاد العالمي عبر المحيطات والبحار في ثوان لصالح رجال الاعمال والمستثمرين الكبار والمؤسسات المالية والمصارف واسواق الاوراق المالية المنتشرة فروعها في «9» قارات متباعدة المسافات ومن ميزات هذه الشبكة انها سهلت استغلال العمالة دون حدود ومثال لذلك بامكان موظف في مدينة مومباي بالهند ان يعمل يومياً كموظف بشركة امريكية في نيويورك دون ان يترك كرسي مكتبه بمدينة مومباي.
وإلى جانب الاقتصاد استطاعت الشبكة ان تقدم خدمات جليلة لقطاع الصحة والتعليم وللبحث العلمي ومثال لذلك ما جرى في ليبيا حيث انتشرت الخدمات الصحية الجيدة والتعليمية في كل القرى والارياف بفضل المعلومات التي توفرها الشبكة للعاملين وللمواطنين.
هناك جدلٌ الآن عن ايجابيات وسلبيات هذه الشبكة ورغم الايجابيات الانسانية فإن هناك من يرى ان للشبكة سلبيات خطيرة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والديني، فرغم ان الشبكة ساعدت من قبل في ازدهار الاقتصاد العالمي إلاّ انها تسببت اخيراً في الازمة المالية العالمية الحالية التي استعصى حلها حتى الآن وذلك بسبب استغلال الاغنياء لهذه الشبكة المتداخلة والمنتشرة في نشر الفساد الاقتصادي والاساليب الاجرامية لجني الاموال والثروة وبذلك كرست الشبكة لهيمنة الكبار ولاستغلالهم للصغار بمعنى آخر ان الشبكة مسؤولة عن انتشار الفساد الاقتصادي والتجاري في العالم واستغلال الاغنياء للفقراء، كما ان البعض يرى ان الشبكة ساعدت آخرين لشن الحروب حول العالم دونما مبررات وقد ساعد تدفق المعلومات في مراكز العمليات العسكرية على ضراوة هذه الحروب وطول امدها.
-------
الرأي العام
بقلم: م. محمد عبد القادر خليل